الاثنين، 30 يوليو 2012

زيارة المسجد الاقصى تحت الاحتلال


زيارة المسجد الاقصى تحت الاحتلال
" سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ " الاسراء 1

المسجد الاقصى اولى القبلتين و ثالث الحرمين الشريفين ،الارض المباركة التي وعد الله بها اهل الاصلاح والصلاح من قديم العصور ليرثها اتباع خاتم النبيين و المرسلين  سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم، القدس عاصمة فلسطين ، ارض المحشر و المنشر، من هنا تبرزاهمية الاقصى والصلاة فيه  والحديث عنه. لذلك كله تشتاق قلوبنا للصلاة في القدس .

وكما هي فلسطين محتلة منذو اكثر من تسعون عاما ، من ايام الانتداب البريطاني ( 1917 م – 1948 م) الذين سلموها الى اليهود في 1948 م ،اما القدس فقد احتلت في عام 1967 م الى يوم كتابة هذه الاسطر هي و الضفة الغربية و قطاع غزة ، و كل يوم يضيق الخناق عليها وعلى اهلها البواسل ومن ذلك منع ابناء الضفة الغربية و قطاع غزة من زيارتها و الصلاة فيها الا ضمن شروط صعبة كأن يكون الرجال فوق سن الخامسة و الخمسين و متزوج وله ابناء والنساء فوق سن الخمسين ، فتحرم بذلك القدس من شبابها . ومن صور التعسف  والظلم الواقع على المسجد الاقصى في يوم الجمعة من كل اسبوع تتحول المدينة الي ثكنة عسكرية من شدة ما يتواجد بها من نقاط تفتيش للمصلين من قبل الاحتلال الاسرائيلي .... فالحديث عن القدس و معاناتها يطول و يحتاج الى صفحات و صفحات ...

ولكننا سوف نسلط الضوء على قضية زيارة المسجد الاقصى المبارك للمسلمين و العرب غير الفلسطينين من خلا تاشيرة سفراسرائيلية ، وهذه القضية اختلف حولها الفقهاء و السياسيون و الصحفيون و المفكرون ، و اخذت ابعاد كبيرة تتماشى مع عظم الاقصى و علو كعبه في الامة الاسلامية.
فالقضية بختصار تداعب قلوب المسلمين الذين تشتاق قلوبهم للصلاة في رحاب الاقصى الاسير ، مسرى الحبيب محمد صلى الله عليه و سلم ، القائل " : (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى) ". او كما قال.

 فمن منا لا يشتاق للصلاة فيه او الدعاء او حتى زيارته زيارة عابرة.
فمن واقع حال القدس و حال الامة نرى اننا امام قانون جذب رهيب يجذب المسلمين نحو القدس و فلسطين ، ونرى حزنا كبيرا و جرحا عميقا في قلب القدس ينزف و تشدتد الساعات المظلمة على ابنائها البواسل اهل الصبر والرباط . لتعود دعوة لزيارة المسجد الاقصى للظهور من جديد من خلال تاشيرة سفر اسرائيلية من سفاراتها ، كوسيلة لدعم الشعب الفلسطيني و كسر العزلة التي تعيشها القدس و المسجد الاقصى .
ونظرا لان هذه القضية لها بعد ديني سياسي صحفي فكري فانا سوف اسعى لنقاشها بالاعتماد على نقاط محددة موضحا وجهة نظري الشخصي في تلك النقاط. وهنا قبل ان اعتمد اي نقطة سوف اعطي ترسيم سريع لواقع القدس الان .

القدس ، القدس المحتلة منذو اكثر من خمسة و اربعين عاما من قبل بني صهيون مقسمة الى قدس الغربية و القدس الشرقية ( القدس الشرقية  التي يقع فيها المسجد الاقصى المبارك ) ، والاحتلال يطالب بان تكون القدس عاصمة اسرائيل  " فلسطين المحتلة " الموحدة بشقيها الغربي و الشرقي ، السلطة الفلسطينية تطالب فقط بالشرقية !!! ، كما ان السيطرة الحالية على مدينة القدس بشقيها تخضع للاحتلال الاسرائيلي بالكامل حيث لا يستطيع ابناء الضفة الغربية او قطاع غزة من دخول القدس دون المرور على الحواجز الاسرائيلية التي ترفض دخولهم دائما وقد تراعى بعض ايام الجمع في رمضان لبعض كبار السن ،كما ان اهل القدس لا يستطيعون بناء او هدم او ترميم بيوتهم كما ان خروج المقدسي من القدس لفترة تزيد عن ثلاث سنوات تحرمه من العودة اليها ... و الكثير من وسائل التضيق و التخنيق و التدنيس المسترم لباحات المسجد الاقصى من قبل المتدينين اليهود ،...  ومع كل هذا تبقى القدس شامخة.

و الان سوف اجتهد في تحديد ثلاث معايير كانت سبب من وراء هذا القرار من قبل بعض الشخصيات الاسلامية و الوطنية العربية و الاسلامية في فلسطين و خارجها ولمن عارضهم ايضا من الداخل فلسطين و خارجها . المعايير هنا : -

1.    لكسر عزلة المسجد الاقصى 
ان المسجد الاقصى يتعرض يوميا لانتهاكات الاحتلال و محاولة مصادرته ، فهناك عشرات الانفاق التي حفرت تحته ... ومحاولات السماح للمتشديدين اليهود في الصلاة فيه وفي ساحاته ... ومصادرة الوقف الاسلامي ، كما حدث مع حائط البراق ... ومن تشديد على المصلين حيث ان المسجد الاقصى يكاد يكون وحيد ، يخلو من المصلين الا من ابناء القدس . 
الا ان زيارة المسجد الاقصى من قبل المسلمين فيها العديد من الاقوال حيث يرى بعض العلماء ان زيارة القدس لها فوائد عديدة منها تاكيد حق المسلمين بالقدس وربطهم بها ، وما لهذه الزياة من دعم معنوي و مادي لسكان القدس ، واظهار مكانة القدس للعالم اجمع عند المسلمين ،
ورفض زيارتها تضعف ارتباطهم بها امام العالم .
الا ان هناك فريق من العلماء وعلى راسهم الدكتور يوسف القرضاوي ، يرى ان الزيارة اقرار ضمني بسيادة الاحتلال على المسجد الاقصى المبارك ،ودعوة للتطبيع مع اسرائيل باخذ تاشيرات سفر من سفاراتها و قنصلياتها للسماح لهم بالدخول الى المسجد الاقصى ، واستغلال ذلك اعلاميا ، وغزوهم الفكري للشبابنا المسلم. 
ومن هذا كله لا تتحقق كسر لعزلة المسجد الاقصى فمن واقع الحال المتقدم ذكرة و من متابعة الراي و الراي الاخرى ، نميل الى راي الرافض لزيارة القدس من خلال اسرائيل ، فانا كفلسطيني امنع من زيارة القدس بحجج واهية مثل ان سني لا يطابق السن القانوي او رفض امني تارة و رفض بدون سبب تارة اخرى ...، مع انني لا ابعد عن القدس الا بعض الكيلومترات فكيف يسمح لمن هم خارج فلسطين بزيارتها دون ان يثير ذلك في قلبي الريبة من النوايا والمغزى. 
كما ان دخول المصلين عبر دولة الاحتلال يعطيها دعم معنوي ومادي بانها طرف ياخذ اذنه في الدخول والخروج ، كما انه لا يوجد ضمن في منعها دخول اي مسلم الى الاقصى او السماح له فهي بذلك سوف تتحكم بالامر وليس العكس . 
2.    سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية سعى لزيارة الحرم المكي
 ان بعض من طالب المسلمين بزيارة المسجد الاقصى عبر بوابة السفارة الاسرائيلية ،قاربوا بين زيارة المسلمين لمكة وهي تحت حكم قريش ، و هنا نقول ان القياس هنا لا يصح حيث ان اهل قريش هم اهل مكة المكرمة  ، بينما اليهود محتلين للقدس ، كما ان زيارة الحرم المكي لاداء الفريضة واجب شرعي و زيارة القدس من باب الاستحباب شرعي. 
3.    دعم الفلسطينيين اقتصاديا و سياحيا من جراء حركة المسلمين من والى القدس 
ان من يدعي ان زيارة القدس سوف تعود بالنفع على ابناء البلد اقتصاديا و سياحيا لا يعرف واقع الذ        ي تعيشه فلسطين باسرها وطولها وعرضها فهي بلد ينزح تحت الاحتلال و كل ما يدخل اليه او يخرج منه يمر عبر بوابات الاحتلال و من هنا المستفيد هو الاحتلال و ليس الشعب الفلسطيني .
كما ان القدس بشقيها تقع تحت الاحتلال و لا تتصل بالضفة الغربية الا من خلال نقاط تفتيش تابعة للاحتلال ، وجميع المحال و الاسواق في القدس تخضع لسطوة الاسرائيلية فكيف يكون دعما لاقتصاد المقدسيين . كما ان كان الهدف الدعم المادي فانه بالامكان ارسال الامول لهم بدون الدخول هذه المداخل الوعرة . 
من هذا تضح لنا القضية بابعادها فنحن نسعى الى هدف سامي ونية صادقة و صافية و لكن الموضوع لا يعالج عاطفيا وانما يحتاج الى موضوعية و ان كنا بحق نريد ان نزور الاقصى فاننا يجب علينا ان نفكر بموضوعية و البحث على حلول لجذور المشكلة و اساسها .
 حلول تعيد لنا الاقصى الى يد المسلمين وتحرره ، ونعود الى العهد الذي كان فيه يقول الحاج لبيت الله الحرام ، بعد الانتهاء من اداء مناسك الحج  وزيارة قرب النبي محمد صلى الله عليه و سلم ، نريد ان نقدس الحجة اي نريد ان نزور الاقصى ... وهنا سوف اجتهد في وضع ثلاث مبادئ اساسية ليست الوحيدة و لكنها قد تكون من اهم الحلول الراهنة

1.    توعية شباب الامة وتعريفهم بفلسطين و القدس 
نحن بحاجة لتعريف ابنائنا بدولة فلسطين وحدودها الجغرافية و معالمها و مقدساتها و بالمسجد الاقصى الأسير و نربيهم على حبة وعلى السعى لتحريره كما فعل صلاح الدين الايوبي وسيدنا عمر بن الخطاب من قبله ، و نسعى الى بناء جسور من الثقافة و المعرفة بينه و بين ابنائنا وان نجعلهم يميزوا الاقصى بمسجده القبلي و مسجد قبة الصخرى واسواره وكال تفاصيله . ولا يكونوا فريسة الثقافة المضللة و المغلوطة حول الاقصى و القدس . 
2.    دعم صمود الفلسطينين ماديا و معنويا 
ان الشعب الفلسطيني يتعرض يوميا للقتل و التشريد و الذبح و التخنيق عليه في قوته وقوت ابنائه ، سعيا لتهجيره واحتلال ارضة ، ومنعه من ابسط حقوقة العيش بكرامة ومن هنا ياتي واجبنا في دعم صموده وتثبيت ابنائه .
وهنا الدعم ياخذ اشكال عدة ومنها المادي و المعنوي ، فاليوم يسهل علينا التواصل مع كل فلسطيني في الداخل من خلال مواقع التواصل الاجتماعي و الهاتف و غيرها ،تخصيص بعض الوقت في متابعة اخباره و محاولة التفكير في حلول لها قدر المستطاع . 
3.    الاعداد و العمل على تقوية الجانب العربي على كافة الاصعدة
ان الشعوب العربية والاسلامية امة الاسلام عليها الاعداد والله عليه النصر ، فكلما زادت قوة امتنا الاسلامية وقربها من الله ، يكون تحرير فلسطين اقرب . 
ان فلسطين مقياس قرب الامة من الله ومدى قوة ايمانها كلما كان اقوى كانت فلسطين بخير و كلما كان اضعف ضاعت فلسطين و كانت محتلة 
ان هذه القضية صعبة التحليل و التفكير بها بموضوعية مطلقة او عزلة عن الذات فانا كوني فلسطيني من اهل الضفة الغربية و ممن يحلمون بزيارة المسجد الاقصى حيث كانت اخر زيارة لي في عام 2000 م ، وجدت حاجة في داخلي تدفعني للكتابة عنها وتوضيح ابعادها فالقضية ذات بعد سياسي ديني اجتماعي ، فالساسة لهم راي و اهل الدين لهم راي و الناس لهم راي و العلماء و الصحفيون والمفكرون لهم راي بل آراء في هذه القضية .
ان قرارك بزيارة المسجد الاقصى يجب ان يكون قرار شجاع يجعلك تدخل المسجد وراسك مرفوع ،معتزا بما فعلت و اديت ، وهذا لا يتاتي الا اذا كانت القدس صحيحة معافاة مرفوعة الراس متباهية بابنائها تعلوا فوق شفاهها ابتسامة النصر المبين و العز الكريم.
الى لقاء في باحات المسجد الاقصى.

م. مهران قوزح

هناك تعليق واحد:

  1. االلهم حرر القدس وفلسطين وارزقنا صلاة في المسجد الأقصى المبارك واحفظه من دنس المحتلين واستخدموا في نصرته... قال تعالى : وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونو أمثالكم) نعوذ بالله ان نتولى فيستبدلنا

    ردحذف